السنِّ الذي ينقطع فيه دمُ الحيض وما يترتَّب عليه مِنْ أحكام |
قال تعالى

﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨] الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .

قال صلى الله عليه وسلم

«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

في الموقع

قسم فريد يحتوي سور القرآن الكريم بأصوات العديد من القراء فتصفح واستمع و انشر كتاب الله وآياته

قال تعالى

﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨] قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.

فتاوى  الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس > السنِّ الذي ينقطع فيه دمُ الحيض وما يترتَّب عليه مِنْ أحكام

[star_rating themes="flat" id="16853"]

الفتوى رقم: ٣٤
الصنف: فتاوى الطهارة – الحيض والنفاس
في السنِّ الذي ينقطع فيه دمُ الحيض
وما يترتَّب عليه مِنْ أحكام

السؤال:
والِدَتِي تبلغ مِنَ العمر ثلاثًا وخمسين سنةً، ولحدِّ الآنِ لا يَزالُ يأتيها دمُ الحيض بانتظامٍ، وفيما مَضَى كانَتْ إذا أتاها الدمُ انقطعَتْ عن الصيام والصلاةِ حتَّى تَطْهُرَ، ولكِنْ في شعبانَ مِنَ السَّنَةِ الماضية قرَأْتُ فتوَى للشيخ عبد العزيز بنِ بازٍ ـ رحمه الله ـ إجابةً عن سؤالٍ طُرِحَ عليه، ونصُّ الفتوى موجودٌ لديكم إِنْ شاءَ الله(١)، وعندما أخبَرْتُ والدتي بالفتوى أصبحَتْ تصوم وتصلِّي وعليها الدمُ، وقَدْ أخبرتُها أنَّنا ـ ولله الحمدُ ـ لم نتَّبِعْ في ذلك الهوى، بل كان اعتمادًا على فتوَى لعالمٍ ثِقَةٍ. علمًا أنَّ الطبيبةَ أخبرَتْها مؤخَّرًا أنَّ هذا الذي يأتيها هو دمُ حيضٍ ما دام أنها حين حاضَتْ أوَّلَ مرَّةٍ كان سِنُّها ١٦ سنةً، والطبيبةُ تقول: إنَّ انقطاع الحيضِ عنها سيكون عند بلوغِها سِنَّ ٥٤ إلى ٥٦ سنةً، ووالِدَتي ـ الآنَ ـ تسأل: هل تصلِّي وتصوم وهي في تلك الحال أم لا؟ وهل تقضي الأيَّامَ التي كانَتْ صامَتْها في رمضان الماضي ومعها الدمُ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإنَّ الذي أفتى به سماحةُ الشيخِ عبد العزيز بن بازٍ ـ رحمه الله تعالى ـ هو روايةٌ عن أحمد نَقَلها الخِرَقيُّ عنه، وبها قال إسحاق بنُ راهويه، ورُوِيَ هذا عن عائشة رضي الله عنها موقوفًا عليها.
وفي هذه المسألةِ أقوالٌ أخرى مختلفةٌ في تحديدِ سِنِّ اليأس، وغالِبُها يبني المسألةَ على العُرف وعادةِ النساء بالتتبُّع والاستقراء.
وفي تقديري: أنَّ أقوى الأقوال: قولُ مَنْ يرى أنه لا وقتَ لانقطاع الحيض، وبه قال ابنُ حزمٍ وابنُ تيمية وغيرُهما ـ رحمهم الله ـ؛ ذلك لأنَّ دم الحيضِ معروفٌ في تكوينه: كثيفٌ كأنه محترقٌ، له رائحةٌ كريهةٌ، وهو أسودُ مُحتدِمٌ، وقد يتغيَّرُ إلى الحمرة والصفرة والكُدرة، وقد يكون مُخاطًا، وله وقتٌ تعتاده النساءُ، وهو دمٌ لا يتجلَّط، أي: لا يتجمَّد في الأوعية الدموية، بخلافِ دم الفساد أو الاستحاضة، فهو أحمرُ قانٍ ليس له رائحةٌ ويتجلَّطُ، ويأتي مُستمِرًّا أو في غير الوقت الذي تعتاده النساءُ.
وعليه، فالمرأةُ المُسِنَّة التي رأَتْ دمًا بمثلِ هذه الأوصاف المذكورة فهو دمُ حيضٍ مانعٌ مِنَ الصلاةِ والصوم والطواف والوطء؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم في حديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيْشٍ رضي الله عنها: «إِذَا كَانَ دَمُ الحَيْضَةِ فَإِنَّهُ دَمٌ أَسْوَدُ يُعْرَفُ»(٢)، وأَمَرَ صلَّى الله عليه وسلَّم مَنْ رأَتْهُ أَنْ تترك الصلاةَ والصيامَ في حديثِ أبي سعيدٍ رضي الله عنه: «أَلَيْسَ إِذَا حَاضَتْ لَمْ تُصَلِّ وَلَمْ تَصُمْ»(٣)، وفي شأنِ الحيض يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: «هَذَا شَيْءٌ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ»(٤)، ولم يفصِّل في مَقامِ الاحتمال بين الشابَّة والمُسِنَّة مِنْ بنات آدَمَ، و«تَرْكُ الاسْتِفْصَالِ فِي مَقَامِ الاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ العُمُومِ فِي المَقَالِ»، كما أنه لم يَرِدْ نصٌّ ولا إجماعٌ بأنه ليس حيضًا؛ فيُستصحَبُ الحكمُ ويبقى ما كان على ما كان.
هذا، والمستفتي تابعٌ للمفتي في اجتهاده وفتواه، ولا يترتَّب ـ على العمل بالفتوى ـ عِتابٌ ولا قضاءٌ، ولا كفَّارةٌ ولا عقابٌ، بل هو مأجورٌ على الامتثال للأمر الوارد في قوله تعالى: ﴿فَسۡ‍َٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النحل: ٤٣؛ الأنبياء: ٧]، وقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: «أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؛ فَإِنَّمَا شِفَاءُ العِيِّ السُّؤَالُ»(٥)؛ اللَّهمَّ إلَّا إذا ظَهَرَ ـ في المسألةِ المستفتى فيها ـ خطأٌ قطعًا؛ لكون المفتي خالَفَ نصًّا لا مُعارِضَ له أو إجماعَ أُمَّةٍ؛ فعلى المفتي أَنْ يُخْبِرَ المستفتيَ إِنْ كان قد عَمِلَ بالفتوى الأولى، وعليهما أَنْ يَعْدِلَا عن العمل بها، وإذا كانَتِ الفتوى الأخرى المعتمَدةُ تُوجِبُ أحكامًا؛ تَرتَّبَتْ هذه الأحكامُ عليهما(٦).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٥ رجب ١٤٢١ﻫ
الموافق ﻟ: ٥ أكتوبر ٢٠٠٠م
المفتي : أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس – المصدر : الموقع الرسمي للشيخ محمد علي فركوس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) نصُّ فتوَى سماحةِ الوالد، الشيخ عبد العزيز بنِ عبد الله بنِ بازٍ ـ رحمه الله ـ:
صلاة المستحاضة:
السؤال: امرأةٌ تبلغ مِنَ العمر اثنتين وخمسين سنةً يسيل منها دمٌ ثلاثةَ أيَّامٍ بقوَّةٍ والباقي خفيفٌ في الشهر، هل تَعتبِرُ ذلك دمَ حيضٍ وهي فوق خمسين سنةً؟ مع العلم بأنَّ الدم يأتيها بعد شهرٍ في بعض الأحيان أو شهرين أو ثلاثةٍ، فهل تصلِّي الفريضةَ والدمُ يسيل معها؟ كذلك هل تصلِّي النوافلَ كالرواتب وصلاةِ الليل؟
الجواب: مِثْلُ هذه المرأةِ عليها أَنْ تَعتبِرَ هذا الدمَ الذي حَصَلَ لها دمًا فاسدًا؛ لكِبَرِ سِنِّها واضطرابِه عليها. وقد عُلِمَ مِنَ الواقع وممَّا جاء عن عائشة رضي الله عنها أنَّ المرأةَ إذا بلغَتْ خمسين عامًا انقطع عنها الحيضُ والحملُ أو اضطرب عليها الدمُ، واضطرابُه دليلٌ على أنَّه ليس هو دَمَ الحيض؛ فلها أَنْ تُصلِّيَ وتصوم، وتَعتبِر هذا الدمَ بمَثابةِ دمِ الاستحاضة، لا يمنعها مِنْ صلاةٍ ولا صومٍ، ولا يُمْنَعُ زوجُها مِنْ وَطْئِها في أصحِّ قولَيِ العلماء، وعليها أَنْ تَتوضَّأَ لكُلِّ صلاةٍ، وتتحفَّظ منه بقطنٍ ونحوِه، كما قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم للمستحاضة: «تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ» رواه البخاريُّ في «صحيحه».
(٢) أخرجه أبو داود في «الطهارة» بابُ مَنْ قال: إذا أقبلَتِ الحيضةُ تَدَعُ الصلاةَ (٢٨٦)، والنسائيُّ في «الطهارة» بابُ الفرق بين دم الحيض والاستحاضة (٢١٥)، مِنْ حديثِ فاطمةَ بنتِ أبي حُبَيْشٍ رضي الله عنها. قال النوويُّ في «الخلاصة» (١/ ٢٣٢): «صحيحٌ رواه أبو داود والنسائيُّ بأسانيدَ صحيحةٍ، وسَبَق أصلُه عن «الصحيحين» بغير هذا اللفظ»، وصحَّحه الألبانيُّ في «الإرواء» (١/ ٢٢٣) رقم: (٢٠٤).
(٣) جزءٌ مِنْ حديثٍ أخرجه البخاريُّ في «الحيض» بابُ تركِ الحائضِ الصومَ (٣٠٤) مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخُدْريِّ رضي الله عنه. وبمعناه مسلمٌ في «الإيمان» (٧٩) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما، وفيه: «.. وَتَمْكُثُ اللَّيَالِيَ مَا تُصَلِّي وَتُفْطِرُ فِي رَمَضَانَ؛ فَهَذَا نُقْصَانُ الدِّينِ».
(٤) مُتَّفَقٌ عليه: أخرجه البخاريُّ في «الحيض» باب: كيف كان بدءُ الحيض؟ وقولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «هذا شيءٌ كَتَبَه اللهُ على بناتِ آدَمَ» (٢٩٤)، وباب: تقضي الحائضُ المناسكَ كُلَّها إلَّا الطوافَ بالبيت (٣٠٥)، ومسلمٌ في «الحجِّ» (١٢١١)، مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها.
(٥) أخرجه أبو داود في «الطهارة» باب المجروح يتيمَّم (٣٣٦) مِنْ حديثِ جابرٍ رضي الله عنه. وأخرجه أبو داود (٣٣٧)، وابنُ ماجه في «الطهارة» بابٌ في المجروح تصيبه الجنابةُ فيخاف على نفسه إِنِ اغتسل (٥٧٢) مِنْ حديثِ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما. وحسَّنه الألبانيُّ في «تمام المِنَّة» (ص ١٣١) وفي «صحيح أبي داود» (٣٦٤).
(٦) لمزيدٍ مِنَ التفصيل انظر: الكلمة الشهرية رقم: (٤١) الموسومة ﺑ: «في آداب المستفتي وجوانب تَعامُلِه بالفتوى» على الموقع الرسميِّ.


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *