حكمِ حلقِ اللحية لأمرٍ ضروريٍّ حكمِ حلقِ اللحية لأمرٍ ضروريٍّ
قال تعالى

﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨] الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .

قال صلى الله عليه وسلم

«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

في الموقع

قسم فريد يحتوي سور القرآن الكريم بأصوات العديد من القراء فتصفح واستمع و انشر كتاب الله وآياته

قال تعالى

﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨] قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.

فتاوى  الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس > حكمِ حلقِ اللحية لأمرٍ ضروريٍّ

0.00

الفتوى رقم: ٢٦٩
الصنف: فتاوى متنوِّعة
في حكمِ حلقِ اللحية لأمرٍ ضروريٍّ

السؤال:
هل يجوز حلقُ اللحية لاستخراج جواز السفر؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإِنْ أمكن استخراجُ الجواز لأمرٍ ضروريٍّ مِنْ غير الوقوع في محظورِ حَلْقِ اللحية الواجبةِ الإعفاءِ بالنصوص الحديثية(١)، وذلك إمَّا بتحويلِ محلِّ الإقامة إِنْ كان له أكثرُ مِنْ إقامةٍ مِنْ غير تزويرٍ، ويكفي لجوازه التعريضُ؛ ففي المعاريض مندوحةٌ عن الكذب؛ فقَدْ ذَكَر الإمام النوويُّ ـ رحمه الله ـ في «الأذكار» نقلًا عن أهل العلم أنهم ضَبَطوا بابَ التعريضِ ـ جمعًا بين الآثار المبيحة وغيرِ المبيحة له ـ على الوجه التالي: «إِنْ دَعَتْ إلى ذلك مصلحةٌ شرعيةٌ راجحةٌ على خداع المُخاطَب، أو حاجةٌ لا مندوحةَ عنها إلَّا بالكذب؛ فلا بأسَ بالتعريض، وإِنْ لم يكن شيءٌ مِنْ ذلك فهو مكروهٌ وليس بحرامٍ، إلَّا أَنْ يُتوصَّل به إلى أخذِ باطلٍ أو دفعِ حقٍّ فيصيرُ ـ حينئذٍ ـ حرامًا»(٢)، وإمَّا بعدم الوقوع في محظورِ حلقِ اللحية، وذلك بإزالتها على الصورة بالوسائل والأجهزة الحديثة إِنْ كانَتِ الإدارةُ تقبلها بهذه الصفة، وإمَّا بإعطاءِ مالٍ مُصانَعةً لاستخراجه محافظةً على السُّنَّة الواجبة؛ فلا مجالَ لحلقها ولا لتقصيرها، والمحافظةُ على الدِّين بدفع المال يكون إثمُ الرشوةِ فيها على الآخذ لا على المعطي، وقد روى أهلُ الحديث أنَّ عبد الله بنَ مسعودٍ رضي الله عنه لمَّا كان بالحبشة رَشَا بدينارين وقال: «إِنَّمَا الإِثْمُ عَلَى القَابِضِ دُونَ الدَّافِعِ»(٣)، وهو مرويٌّ عن جماعةٍ مِنَ التابعين، كما ذَكَر القرطبيُّ ـ رحمه الله ـ روايةً عن وَهْبِ بنِ مُنَبِّهٍ ـ رحمه الله ـ أنَّه قِيلَ له: «الرِّشوةُ حرامٌ في كُلِّ شيءٍ؟» فقال: «لا، إنَّما يُكْرَهُ مِنَ الرِّشوة أَنْ تَرْشِيَ لتُعطى ما ليس لك، أو تدفعَ حقًّا قد لَزِمك، فأمَّا أَنْ تَرْشِيَ لتدفع عن دِينك ودمك ومالِك فليس بحرامٍ»، قال أبو الليث السمرقنديُّ الفقيه: «وبهذا نأخذ، لا بأسَ بأَنْ يدفع الرَّجلُ عن نفسه ومالِه بالرِّشوة»(٤)؛ ذلك لأنَّ الرِّشوة المحرَّمةَ مِنْ جانبين هي ما إذا كانَتِ المصانَعةُ بالمال لإحقاقِ باطلٍ أو لإبطالِ حقٍّ، أمَّا لإحقاقِ حقٍّ أو لإبطالِ باطلٍ فهي محرَّمةٌ على الآخذ دون المعطي، وفي هذا السياقِ ذَكَر ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ قاعدةً مُهِمَّة وهي: «أنَّ التحريم في حقِّ الآدميِّين إذا كان مِنْ أحَدِ الجانبين لم يثبت في الجانب الآخَر»، وقد أورد لها جملةً مِنَ الأمثلة(٥).
أمَّا إذا تعذَّرَتْ كُلُّ هذه السُّبُلِ وكانَتِ الحاجةُ ماسَّةً إليه تتوقَّف عليها حياتُه الشخصية أو المالية كأسبابٍ صِحِّيةٍ أو ماليةٍ أو عِرْضيةٍ؛ فإنَّه ـ والحال هذه ـ يُقدَّمُ أهونُ الضررين وأخفُّ المفسدتين.
أمَّا إذا كان استعمالُ الجواز للمُباحات مِنْ غيرِ حاجةٍ فالواجبُ تركُ المُباح للواجب حالَ التعارض بينهما؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا للهِ إِلَّا بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ»(٦).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٩ رجب ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٤ أوت ٢٠٠٥م
المفتي : أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس – المصدر : الموقع الرسمي للشيخ محمد علي فركوس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) عن عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «خَالِفُوا المُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ» [أخرجه ـ بهذا اللفظ ـ البخاريُّ في «اللباس» بابُ تقليمِ الأظفار (٥٨٩٢)]، وفي لفظٍ للبخاريِّ في «اللباس» بابُ إعفاء اللحى (٥٨٩٣)، ومسلمٍ في «الطهارة» (٢٥٩): «انْهَكُوا ـ ولفظُ مسلمٍ: أَحْفُوا ـ الشَّوَارِبَ، وَأَعْفُوا اللِّحَى»، وفي لفظٍ آخَرَ لمسلمٍ (٢٥٩): «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ: أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى».
(٢) «الأذكار للنووي» (٣٣٨) باب التعريض والتورية.
(٣) انظر: «تفسير القرطبي» (٦/ ١٨٤).
(٤) انظر: «تفسير القرطبي» (٦/ ١٨٣)
(٥) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٩/ ٢٥٨).
(٦) أخرجه أحمد (٢٣٠٧٤)، وصحَّحه الألبانيُّ في «السلسلة الضعيفة» (١/ ٦٢) عند الحديث رقم: (٥).


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS قـراء مـديـنـة القل

يمكنكم الاستفادة من محتوى الموقع لأهداف بحثية أو دعوية غير تجارية جميع الحقوق محفوظة لشبكة القل الإسلامية