حكم إعطاء الرشوة مِنْ أجل دفعِ ضرر الضرائب حكم إعطاء الرشوة مِنْ أجل دفعِ ضرر الضرائب
قال تعالى

﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨] الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .

قال صلى الله عليه وسلم

«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

في الموقع

قسم فريد يحتوي سور القرآن الكريم بأصوات العديد من القراء فتصفح واستمع و انشر كتاب الله وآياته

قال تعالى

﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨] قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.

فتاوى  الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس > حكم إعطاء الرشوة مِنْ أجل دفعِ ضرر الضرائب

0.00

الفتوى رقم: ٩٦
الصنف: فتاوى المعاملات المالية
في حكم إعطاء الرشوة مِنْ أجل دفعِ ضرر الضرائب

السؤال:
ما حكمُ الشرع في دفعِ مالٍ لشخصٍ معيَّنٍ حتَّى يقوم هذا الأخيرُ بسحبِ وثيقةٍ ما، والتي ينجرُّ عن بقائها في مُستنَداتِ المعنيِّ بالأمر أو مِلفِّه لدى مصالحِ الضرائب مَفاسِدُ ماليةٌ كبيرةٌ مِنْ حيث الغرامةُ المالية والضرائبُ الجبائية، علمًا أنَّ هذا الشخص المعيَّنَ المدفوعَ له المالُ يعمل في المصلحة المختصَّة نفسها؟ أفتونا مأجورين.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإنَّ مَنْ حُبِس عن مالِه ـ ابتداءً ـ فبَذَل لغيره مالًا؛ للسعي إلى خلاصه، أو ليحكم له بحقٍّ، أو ليدفع الظلمَ عنه، وتعذَّرَتْ جميعُ السُّبُل لخلاصه ولم يجد وسيلةً للوصول إليه سِواهُ، وكان الساعي موظَّفًا في مصالحِ محلِّ سعيِه حين وقوع المظلمة؛ فَسَق الآخذُ فقط دون المعطي؛ لاضطرار المُعطي إلى التوصُّل إلى حقِّه بمثلِ هذه الطُّرُق، وأصلُ تأثيم الآخِذ: ما أخرجه أبو داود والحاكم وصحَّحه مِنْ حديثِ بُرَيْدة عن أبيه عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَرَزَقْنَاهُ رِزْقًا ـ أي: مَنَحْناه راتبًا ـ فَمَا أَخَذَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ غُلُولٌ»(١)، ودليلُ تبرئةِ المعطي مِنَ الإثم: حديثُ المُلِحِّينَ الذين كانوا لا يَستحِقُّون الصدقةَ فيعطيها لهم رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم عند سؤالهم له، فقال عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ أَحَدَهُمْ لَيَسْأَلُنِي الْمَسْأَلَةَ فَأُعْطِيهَا إِيَّاهُ، فَيَخْرُجُ بِهَا مُتَأَبِّطَهَا، وَمَا هِيَ لَهُمْ إِلَّا نَارٌ»، قَالَ عُمَرُ: «يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلِمَ تُعْطِيهِمْ؟» قَالَ: «إِنَّهُمْ يَأْبَوْنَ إِلَّا أَنْ يَسْأَلُونِي، وَيَأْبَى اللَّهُ لِي الْبُخْلَ»(٢)، غير أنَّ الذي ينبغي أَنْ يُعْلَم: أنَّ هذا الحكمَ مستثنًى مِنَ الأصل المانعِ مِنَ الرِّشوة للضرورة؛ لإحقاق الحقِّ ودفعِ الباطل، وعليه ـ والحالُ هذه ـ أَنْ يسعى إلى اجتناب التعامل مع أهل الفسوق والعصيان، وأَنْ يجتهد في الابتعاد عن كُلِّ ما مِنْ شأنه التعاونُ على الظلم وأكلِ أموال الناس بالباطل، علمًا أنَّ الاستمرار في التعامل بهذه الصفةِ يورِّث الرِّضا بالمعصية، وينقلب المُنْكَرُ معروفًا والمعروفُ مُنْكَرًا لا يمكن تغييرُه ولو بأضعفِ الإيمان؛ فيُمْنَعُ هذا الطريقُ سدًّا للذريعة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢١ رمضان ١٤١٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٣١ جانفي ١٩٩٧م
المفتي : أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس – المصدر : الموقع الرسمي للشيخ محمد علي فركوس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) أخرجه أبو داود في «الخراج والإمارة والفيء» بابٌ في أرزاق العُمَّال (٢٩٤٣)، والحاكم في «المستدرك» (١٤٧٢)، مِنْ حديثِ بُرَيْدة بنِ الحُصَيْب الأسلميِّ رضي الله عنه. والحديث صحَّحه ابنُ الملقِّن في «البدر المنير» (٩/ ٥٦٤)، والألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٦٠٢٣).
(٢) أخرجه أحمد (١١٠٠٤، ١١١٢٣) مِنْ حديثِ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الترغيب والترهيب» (١/ ٤٨٩، ٤٩٨، ٥٠٩).


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS قـراء مـديـنـة القل

يمكنكم الاستفادة من محتوى الموقع لأهداف بحثية أو دعوية غير تجارية جميع الحقوق محفوظة لشبكة القل الإسلامية