حكم الإعراض عن قسمةٍ إرثيةٍ ثابتةٍ شرعًا حكم الإعراض عن قسمةٍ إرثيةٍ ثابتةٍ شرعًا
قال تعالى

﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨] الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .

قال صلى الله عليه وسلم

«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

في الموقع

قسم فريد يحتوي سور القرآن الكريم بأصوات العديد من القراء فتصفح واستمع و انشر كتاب الله وآياته

قال تعالى

﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨] قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.

فتاوى  الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس > حكم الإعراض عن قسمةٍ إرثيةٍ ثابتةٍ شرعًا

0.00

الفتوى رقم: ١٥٦
الصنف: فتاوى المعاملات المالية – الميراث
في حكم الإعراض عن قسمةٍ إرثيةٍ ثابتةٍ شرعًا

السؤال:
تُوُفِّيَ رجلٌ، وله: أربعةُ أولادٍ ذكورٍ وبنتان وزوجةٌ، علمًا أنَّ هذه الزوجةَ هي زوجتُه الثانية، حيث إنَّ زوجته الأولى قد تُوُفِّيَتْ، وكُلُّ أولاده مِنَ الزوجة الأولى المتوفَّاة، وتَرَك هذا الرجلُ دارًا كبيرةً، فأراد أهلُه السابقُ ذِكْرُهم بيعَ هذه الدار، وتَقاسُمَ مبلغِها فيما بينهم.
فما هو ـ فضيلةَ الشيخ ـ نصيبُ كُلِّ شخصٍ مِنْ أهله المذكورين، لو افترَضْنا أنَّ هذه الدارَ بِيعَتْ بمائةِ مليون دينارٍ جزائريٍّ؟ وماذا ـ فضيلةَ الشيخ ـ لو رَفَض شخصٌ ما مِنْ أهله العملَ بهذه القسمة، كأَنْ يقول لهم: نتقاسم المبلغَ بالتساوي نحن السبعة؟
علمًا ـ فضيلةَ الشيخ ـ أنَّ هذه الواقعةَ حقيقيةٌ، حيث رفضَتْ إحدى البناتِ القسمةَ الشرعية. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فأمَّا ما يتعلَّق بالسؤال الأوَّل فإنَّ نصيبَ زوجةِ الميِّت هو: (١٠/ ٨٠)، ونصيبَ الذَّكَر الواحدِ: (١٤/ ٨٠)، ونصيبَ أربعةِ ذكورٍ: (٥٦/ ٨٠)، ونصيبَ الأنثى الواحدة: (٧/ ٨٠)، ونصيبَ الأنثيين: (١٤/ ٨٠)، ومجموع الأنصبة = (١٠ + ٥٦ + ١٤) = (٨٠). ويُقْسَمُ المالُ المتروك المتمثِّل في: (س) ويُقْسَم على (٨٠)، والناتجُ يُضْرَبُ على (١٤) يتخرَّج حصَّةُ الابنِ الواحد، كما أنَّ الناتج يضرب على (٧) لتخرج حصَّةُ الأنثى الواحدة، كما أنَّ الناتج يُضْرَبُ على (١٠) لتخرج حصَّةُ الزوجة.
وهذه القسمةُ الإرثية ثابتةٌ شرعًا، ولا يجوز لأحَدٍ أَنْ يَرُدَّ قسمةَ اللهِ تعالى في عباده، وهي المعمولُ بها قضائيًّا؛ ولا يخفى أنَّ المالَ مالُ الله تعالى وهو ـ سبحانه ـ يقسمه كيفما شاء، ويُوشِكُ مَنْ أعرض عن حكم الله أَنْ يقع في الكفر؛ لقوله تعالى: ﴿وَمَنۡ أَعۡرَضَ عَن ذِكۡرِي فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةٗ ضَنكٗا وَنَحۡشُرُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَعۡمَىٰ ١٢٤ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرۡتَنِيٓ أَعۡمَىٰ وَقَدۡ كُنتُ بَصِيرٗا ١٢٥ قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتۡكَ ءَايَٰتُنَا فَنَسِيتَهَاۖ وَكَذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمَ تُنسَىٰ ١٢٦ وَكَذَٰلِكَ نَجۡزِي مَنۡ أَسۡرَفَ وَلَمۡ يُؤۡمِنۢ بِ‍َٔايَٰتِ رَبِّهِۦۚ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبۡقَىٰٓ ١٢٧﴾ [طه]، والآيةُ شاملةٌ لكُلِّ مَنْ كان متصوِّرًا لِمَا جاء به الرسولُ صلَّى الله عليه وسلَّم عالمًا به وأعرض عمَّا جاء به ولم يُقِرَّه: لم يكن مسلمًا ولا مؤمنًا، كما قال تعالى: ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٨٥﴾ [آل عمران](١)، وبالتالي لا يَستحِقُّ مِنْ هذا المالِ شيئًا إِنْ ظَهَر اعتراضُه على شريعة الإسلام قبل موت المورِّث؛ لأنَّ الكافر لا يَرِثُ المؤمنَ كما صرَّح بذلك الحديثُ(٢)، وما أخَذه منه فهو حرامٌ عليه أي: أخَذ شيئًا لا يَستحِقُّه شرعًا، ويَشْمَله قولُه تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُوٓاْ أَمۡوَٰلَكُم بَيۡنَكُم بِٱلۡبَٰطِلِ﴾ [البقرة: ١٨٨].
علمًا أنه يجوز تَنازلُ بعضِ المُستحِقِّين عن حقِّهم لغيرهم ـ إِنْ شاءوا ـ مِنْ باب الهِبَة والعطيَّة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٨ رجب ١٤٢٤ﻫ
الموافق ﻟ: ١٢ سبتمبر ٢٠٠٣م
المفتي : أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس – المصدر : الموقع الرسمي للشيخ محمد علي فركوس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢/ ٧٨ ـ ٧٩).
(٢) أخرجه البخاريُّ في «الفرائض» باب: لا يَرِث المسلمُ الكافرَ ولا الكافرُ المسلمَ(٦٧٦٤)، ومسلمٌ في «الفرائض» (١٦١٤)، مِنْ حديثِ أسامة بنِ زيدٍ رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: «لَا يَرِثُ المُسْلِمُ الكَافِرَ وَلَا الكَافِرُ المُسْلِمَ».


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS قـراء مـديـنـة القل

يمكنكم الاستفادة من محتوى الموقع لأهداف بحثية أو دعوية غير تجارية جميع الحقوق محفوظة لشبكة القل الإسلامية