حكم العمل في مقبرة النصارى |
قال تعالى

﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨] الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .

قال صلى الله عليه وسلم

«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

في الموقع

قسم فريد يحتوي سور القرآن الكريم بأصوات العديد من القراء فتصفح واستمع و انشر كتاب الله وآياته

قال تعالى

﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨] قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.

[star_rating themes="flat" id="17394"]

الفتوى رقم: ٣٠٢
الصنف: فتاوى العقيدة – الولاء والبراء
في حكم العمل في مقبرة النصارى

السؤال:
أعملُ في مَشْتلةِ أزهارٍ وأشجارٍ، عُرِضَ على صاحِبِ المشتلة عملٌ في مقبرةٍ للنصارى؟ فما حكم غرسِ الأشجار والأزهار في المقبرة؟ وما حكم تنظيفها مِنَ الأعشاب الضارَّة التي تُعيقُ المشيَ فيها؟ وبارك الله فيكم.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فاعْلَمْ أنَّ العمل بمقبرة النصارى لا يُشرع ولو تنظيفًا؛ لِمَا فيها مِنَ الشركيات والمخالَفات كبناء القبور وإبراز الصلبان ونحوِهما، وقد صحَّ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنه قال: «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ المُعَذَّبِينَ إِلَّا أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ؛ لَا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ»(١)، وقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «حَيْثُمَا مَرَرْتَ بِقَبْرِ مُشْرِكٍ فَبَشِّرْهُ بِالنَّارِ»(٢)؛ فمَنْ وقعَتْ نقمةُ اللهِ عليه وعذابُه فكيف يحظى بمِثْلِ هذا التعاونِ ترحيبًا وتقديرًا؟! والتعاونُ ينبغي أَنْ يكون على البرِّ والتقوى لا على الإثم والعدوان؛ فلا يأمنُ أَنْ يجرَّه ذلك إلى العملِ بمثلِ أعمالهم فيصيبَه ما أصابهم، واللهُ المستعان.
أمَّا غَرْسُ الأشجار أو وضعُ الورود والآس ونحوِها مِنَ الرياحين في المقبرة أو على القبور عامَّةً فلا يُشْرَع أيضًا، سواءٌ في مقبرة المسلمين أو النصارى أو غيرهما؛ لأنه ليس مِنْ فِعْلِ السلف الصالح ـ أوَّلًا ـ ولو كان خيرًا لَسَبَقونا إليه، وقد قال ابنُ عمر رضي الله عنهما: «كُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَإِنْ رَآهَا النَّاسُ حَسَنَةً»(٣)، ولِمَا فيه مِنْ مخالَفةِ المَقْصِد التشريعيِّ مِنْ زيارة القبور: وهو تذكُّرُ الآخرة والموت لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «فَزُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الْمَوْتَ»، وفي حديثِ الترمذيِّ: «فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَةَ»(٤)، ولِمَا فيه مِنَ التشبُّه باليهود والنصارى في تزيين القبور والبناءِ عليها، فضلًا عن أنه يجرُّ اعتقادًا فاسدًا متعلِّقًا بنفعِيَّتِها للميِّت كوضع الورود وغرسِ الأشجار والجريد، وقد رأى ابنُ عمر رضي الله عنهما فُسطاطًا على قبرِ عبد الرحمن فقال: «انْزِعْهُ يَا غُلَامُ؛ فَإِنَّمَا يُظِلُّهُ عَمَلُهُ»(٥).
نسأل اللهَ لنا ولكم حُسْنَ الخاتمةِ وكريمَ العاقبة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ١٤ شوَّال ١٤٢٦ﻫ
الموافق ﻟ: ١٦ نوفمبر ٢٠٠٥م
المفتي : أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس – المصدر : الموقع الرسمي للشيخ محمد علي فركوس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) أخرجه البخاريُّ في «الصلاة» باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب (٤٣٣)، ومسلمٌ في «الزهد والرقائق» (٢٩٨٠) مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه ابنُ ماجه في «الجنائز» بابُ ما جاء في زيارة قبور المشركين (١٥٧٣) مِنْ حديثِ ابنِ عمر رضي الله عنهما. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح الجامع» (٣١٦٥).
(٣) أخرجه اللَّالَكائيُّ في «أصول الاعتقاد» (١/ ٢١)، وابنُ بطَّة في «الإبانة» (٢/ ١١٢)، والبيهقيُّ في «المدخل» (١٩١)، وابنُ نصرٍ في «السنَّة» (٧٠).
(٤) أخرج اللفظَ الأوَّلَ مسلمٌ في «الجنائز» (٩٧٦) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه. وأخرج اللفظَ الثانيَ الترمذيُّ في «الجنائز» بابُ ما جاء في الرخصة في زيارة القبور (١٠٥٤) مِنْ حديثِ بريدة رضي الله عنه. وصحَّحه الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٧٧٢).
(٥) ذَكَره البخاريُّ معلَّقًا في «الجنائز» باب الجريدة على القبر (٣/ ٢٢٢). قال ابنُ حجرٍ في «فتح الباري» (٣/ ٢٢٣): «وعبد الرحمن هو ابنُ أبي بكرٍ الصِّدِّيق؛ بيَّنه ابنُ سعدٍ في روايته له موصولًا».


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *