حكم القرض المشروط حكم القرض المشروط
قال تعالى

﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨] الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .

قال صلى الله عليه وسلم

«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

في الموقع

قسم فريد يحتوي سور القرآن الكريم بأصوات العديد من القراء فتصفح واستمع و انشر كتاب الله وآياته

قال تعالى

﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨] قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.

0.00

الفتوى رقم: ٩٢
الصنف: فتاوى المعاملات المالية – القرض والصرف
في حكم القرض المشروط

السؤال:
رجلٌ اقترض مِنْ آخَرَ مبلغًا ليَستثمِرَه في تجارةٍ، وشَرَطَ على نفسِه أَنْ يُعْطِيَ الْمُقْرِضَ نسبةً مِنَ الربحِ، فهل هذا جائزٌ؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فإذا أُبْرِمَ الاتِّفاقُ بينهما ابتداءً على أَنْ يُعطِيَه منفعةً أو ربحًا فهو ربًا محرَّمٌ شرعًا؛ لأنَّ المنفعةَ مشروطةٌ مِنَ المُقْرِضِ أو في حكمِ المشروطة، وهذا ما يُعْرَفُ برِبَا الديونِ المتعلِّقِ بالذِّمَمِ المتمثِّلِ في قاعدةِ: «أَنْظِرْنِي أَزِدْكَ»، فتحريمُه تحريمُ مقاصدَ كما قرَّره ابنُ القيِّمِ ـ رحمه الله ـ. وكُلُّ الآياتِ القرآنيةِ الواردةِ في تحريمِ الرِّبَا إنما نزلَتْ في هذه الصورةِ مِنْ صُوَرِ الرِّبا المحرَّم، أمَّا إذا لم يَشترِطْ المُقرِضُ عليه ربحًا أو منفعةً فعند حلولِ وقت الوفاء بالدَّيْن، وأراد المقترِضُ مِنْ طِيبِ نفسِه أَنْ يُجازِيَه على معروفِه ويقضِيَ دَيْنَه بالإحسان؛ فإنَّ ذلك جائزٌ ويُعَدُّ تبرُّعًا مِنَ المستقرِضِ، سواءٌ كان في الصفةِ أو المقدارِ أو العددِ، ويدلُّ عليه ما رواه مسلمٌ مِنْ حديثِ أبي رافعٍ رضي الله عنه: «أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ بَكْرًا، فَقَدِمَتْ عَلَيْهِ إِبِلٌ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ، فَأَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ أَبُو رَافِعٍ، فَقَالَ: «لَمْ أَجِدْ فِيهَا إِلَّا خِيَارًا رَبَاعِيًا»، فَقَالَ: «أَعْطِهِ إِيَّاهُ؛ إِنَّ خِيَارَ النَّاسِ أَحْسَنُهُمْ قَضَاءً»» (١)، وفي روايةِ البخاريِّ ومسلمٍ مِنْ حديثِ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قال: «كَانَ لِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَيْنٌ، فَقَضَانِي وَزَادَنِي»(٢)، وفي الحديثِ: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ»(٣).
أمَّا حديثُ: «كُلُّ قَرْضٍ جَرَّ مَنْفَعَةً فَهُوَ رِبًا»(٤) وإنْ كان ساقِطَ الإسنادِ على ما ذَكَره ابنُ حجرٍ ـ رحمه الله ـ إلَّا أنَّ المعنيَّ بالتحريمِ يظهر فيما إذا كان نفعُ القرضِ مشروطًا ابتداءً أو متعارَفًا عليه كسَبْقِ اتِّفاقٍ بين المُقرِضِ والمُقترِضِ؛ جمعًا وتوفيقًا بين الأدلَّة.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
المفتي : أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس – المصدر : الموقع الرسمي للشيخ محمد علي فركوس

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) أخرجه مسلمٌ في «المساقاة» (١٦٠٠) مِنْ حديثِ أبي رافعٍ رضي الله عنه. وأخرج نحوَه البخاريُّ في «الاستقراض وأداء الديون» باب: هل يُعطى أكبرَ مِنْ سنِّه؟ (٢٣٩٢)، ومسلمٌ في «المساقاة» (١٦٠١) مِنْ حديثِ أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاريُّ في «الصّلاة» باب الصلاة إذا قَدِم مِنْ سفرٍ (٤٤٣)، ومسلمٌ في «صلاة المسافرين» (٧١٥)، مِنْ حديثِ جابر بنِ عبدِ الله رضي الله عنهما.
(٣) أخرجه أبو داود في «الزكاة» بابُ عطيَّةِ مَنْ سأل بالله (١٦٧٢)، والنسائيُّ في «الزكاة» بابُ مَنْ سأل بالله عزَّ وجلَّ (٢٥٦٧)، مِنْ حديثِ عبد الله بنِ عمر رضي الله عنهما. والحديث صحَّحه العراقيُّ في «تخريج الإحياء» (١/ ٣٠٠)، وأحمد شاكر في تحقيقه ﻟ «مسند أحمد» (٨/ ٦٣)، والألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (٢٥٤) وفي «صحيح الجامع» (٦٠٢١).
(٤) أخرجه البغويُّ في «حديث العلاء بنِ مسلم» (ق١٠/ ٢)، عن عليِّ بنِ أبي طالبٍ رضي الله عنه. وضعَّفه الشيخ الألبانيُّ في «إرواء الغليل» (٥/ ٢٣٥) رقم: (١٣٩٨) و«ضعيف الجامع» (٤٢٤٤).


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS قـراء مـديـنـة القل

يمكنكم الاستفادة من محتوى الموقع لأهداف بحثية أو دعوية غير تجارية جميع الحقوق محفوظة لشبكة القل الإسلامية