ولد الرسول صلى الله عليه و سلم في عام الفيل في الثاني عشرة من ربيع الاول الموافق عشرين او اثنين و عشرين من نيسان عام 571 ميلادي .
فقد ولد يتيماً حيث مات ابوه عبدالله في يثرب و أمه حامل به لشهرين و الى يتمه أشار القرآن الكريم بقوله( ألم يجدك يتيماً فآوى )، و قد أمضى الرسول صلى الله عليه و سلم السنوات الاربع الاولى في الصحراء عند بني سعد حيث أرضعته حليمة السعدية فنشأ قوي البنية ، فصيح اللسان .
و تمر الايام في الصحراء و الرسول يرعى الأغنام مع اخوته من الرضاعة و بينما هو يلعب مع الغلمان إذ برجلين يضجعانه و يشقان صدره ثم يخرجان علقة سوداء فينتهي بذلك حظوظ الشيطان منه ، ثم يقومان بغسل قلبه في طست من ذهب بماء زمزم ، و ينطلق احد الغلمان الى حليمة برعب و خوف يملآن وجهه فيقول لها : لقد قتل محمد ، و عندما عاد الرسول الى القوم متغير اللون خافت حليمة من ذلك و قررت ان تعيده الى امه
توفيت أمه آمنة بنت وهب و هو في السادسة من عمره فكفله عمه أبو طالب و كان ذا عيال و لم يكن ذا مال ، فلم يشأ الرسول أن يكون عالة على غيره ليعمل و يكسب من كدّ يمينه ، فعمل برعي الأغنام و قال : ( ما من نبي إلا و رعى الغنم )، ثم أخرجه عمه أبو طالب معه الى الشام ليعلمه التجارة حتى ذاع صيته في مكة كلها ، فقد كان الرسول صلى الله عليه و سلم مثالاً للأخلاق و الصدق و الأمانة فكان الصادق الأمين الذي أحبه أهل مكة جميعاً .
و قد حفظ الله نبيه من في صغره من أعمال الجاهلية فبُغضت اليه عبادة الاوثان و لم يحضر احتفالا و لم يشرب خمراً رغم ظلمات الجاهلية التي كانت تعيشها مكة ، و عندما تتحرك نوازع النفس تتدخل العناية الربانية للحيلولة بينه و بينها .
يقول الرسول صلى الله عليه و سلم : ما هممت بقبيح مما كان يفعله أهل الجاهلية يهمّون به الا مرتين من الدهر، كلتيهما يعصمني الله منهما ، قلت ليلة لفتى كان معي من قريش بأعلى مكة في أغنام أهله يرعاها أبصر الى غنمي حتى أسمر نذه الليلة بمكة كما يسمر الفتيان قال : نعم ، فخرجت فجئت أدنى دار من دور مكة سمعت غناء و ضرب دفوف و مزامير فقلت ما هذا !؟ فقالوا : فلان تزوج فلانة لرجل من قريش تزوج امرأة من قريش ، فلهوت بذلك الغناء و بذلك الصوت حتى غلبتني عيني فما أيقظني الا حرّ الشمس ، فرجعت فقال : ما فعلت !؟ فأخبرته
ثم قلت له ليلة مثل ذلك ففعل فخرجت فسمعت مثل ذلك فقيل لي مثلما ما قيل لي فلهوت بما سمعت حتى غلبتني عيني ، فما أيقظني الا مسّ الشمس ، ثم رجعت الى صاحبي فقال : ما فعلت !؟ قلت ما فعلت شيئاً ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فوالله ما هممت بعدها بسوء مما يعمل أهل الجاهلية حتى اكرمني الله بنبوته ) .
ليخرج إلى الشام بتجارة لخديجة بنت خويلد بعد أن سمعت بأخباره ( ص ) و صدقه و أمانته و أرسلت معه غلامها ميسرة و عند عودة الرسول ( ص ) من تجارته رأت خديجة مالم ترَه من قبل من الأمانة و البركة و حدثها ميسرة بما رآه من النبي ( ص ) .
أفصحت عن نية لصديقتها نفيسة بنت منبه فقامت بذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فرضي بذلك ، و يتزوج الشريفُ الشريفة و تمر السنون على ذلك البيت الهادئ ، و يجرف مكة سيل عرم و تتصدع جدران الكعبة و تكاد تنهدم فتتفق قبائل قريش على إعادة بناء الكعبة ، و يشارك النبي في هذا الحدث العظيم و لما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود تنازع القوم في شرف موضعه حتى كادت أن تتحول إلى حرب ، فأشار عليهم أبو أمية بن المغيرة أن يحكموا بينهم فيما يشير عليهم أول داخل من الباب فإذا بالنبي ( ص ) يدخل عليهم فقالوا رضينا بالأمين ، فأشار عليهم بوضع الحجر وسط رداء و طلب من رؤساء القبائل أن يرفعوه إلى مكانه حتى إذا أوصلوه إلى مكانه أخذه بيده فوضعه في مكانه فانتهى بذلك النزاع .
و خلال سنوات إلى ما قبل البعثة كان النبي ( ص ) يعبد ربه على دين إبراهيم عليه السلام حيث يذهب إلى غار حراء في جبال مكّة يتعبد فيه إلى الله ، و يختلي ربه لشهر رمضان كاملاً يتفكر و يتأمل في خلق الله تعالى .
شارك برأيك