حُرمة الاستهزاء بالآخرين حُرمة الاستهزاء بالآخرين
قال تعالى

﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨] الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .

قال صلى الله عليه وسلم

«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

في الموقع

قسم فريد يحتوي سور القرآن الكريم بأصوات العديد من القراء فتصفح واستمع و انشر كتاب الله وآياته

قال تعالى

﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨] قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.

مقالات مختلفة > حُرمة الاستهزاء بالآخرين

5.00

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وآله وصحبه وبعد:

– أيها الأخوة: إن الاستهزاء من الأخلاق القبيحة المذمومة شرعاً ، وهو السخرية والاستنقاص للآخرين.

والاستهزاء نوعان:

الأول: استهزاء بالله أو بدينه الله أو برسول الله عليه الصلاة والسلام.
وهذا الفعل لا يصدر من مؤمن.

قال الإمام محمد بن عبدالوهاب في نواقض الإسلام(٦): من استهزأ بشيء من دين الرسول أو ثواب الله أو عقابه كفر ، والدليل قوله تعالى:(قل أبالله وءايـٰته ورسوله كنتمـ تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمـٰنكمـ).اهـ

قال العلامة ابن عثيمين في القول المفيد(٥١٠): من استهزأ بالصلاة ولو نافلة أو بالزكاة أو الصوم أو الحج فهو كافر بإجماع المسلمين ، كذلك من استهزأ بالآيات الكونية فهذا كفر مخرج من الملة.اهـ

وقال العلامة الفوزان في شرح النواقض(٢٧٣): الاستهزاء بما أنزل الله أو بشيء مما جاء به الرسول ولو كان من السنن والمستحبات كالسواك وقص الشارب وأخذ شعر الإبط وتقليم الأظافر ، إذا استهزأ به صار كافراً ، والدليل على ذلك
قوله تعالى:(قل أبالله وءايـٰته ورسوله كنتمـ تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمـٰنكمـ).
فالذي يستهزئ بشيء مما جاء به الرسول وصح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فرضاً أو واجباً أو سنة فإنه يكون مرتداً عن دين الإسلام.اهـ

– الثاني: الاستهزاء بعباد الله ، وهذا محرم ، منهي عنه ، قال تعالى: (يـأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قومـ عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيراً منهن)

قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(١٧٤٧): ينهى تعالى عن السخرية بالناس وهو احتقارهم والاستهزاء بهم ، وهذا حرام ، فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدراً عند الله وأحب إليه من الساخر منه والمحتقر له.اهـ

وقال العلامة السفاريني في غذاء الألباب(١٣٤):
إن كل من سخر أو استهزأ بأحد من المؤمنين .. فقد باء بالإثم والوزر المبين.اهـ

– والاستهزاء بعباد الله من فعل الجهال ، قال تعالى: (وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمرُكم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذُنا هُزُواً قال أعوذ بالله أن أكون من الجـٰهلين)
فبين لهم أن الاستهزاء بالناس من فعل الجُهال لا العُقال ، ولا تقع السخرية بالناس إلا من قلب ممتلئ من مساوي الأخلاق من كِبْر وعُجُب.

قال العلامة السعدي في تفسيره(٤٦): الجاهل هو الذي يتكلم بالكلام الذي لا فائدة فيه ، وهو الذي يستهزئ بالناس ، وأما العاقل فيرى أن من أكبر العيوب المزرية بالدين والعقل استهزاءه بمن هو آدمي مثله.اهـ

– الاستهزاء له حالتان:
الحالة الأولى: استهزاء صريح وهذا يكون بالقول ، قال تعالى عن المنافقين : (وإذا لقوا الذين ءامنوا قالوا ءامنا وإذا خلوا إلى شيـٰطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مُستهزءون)

وكقول الرجل في غزوة تبوك: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ، أرغب بطوناً ، ولا أكذب ألسنة ، ولا أجبن عند اللقاء ، فأنزل الله: (قل أبالله وءايـٰته ورسوله كنتمـ تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمـٰنكمـ)
رواه ابن أبي حاتم في تفسيره(٤/٦٣) قال الوادعي في الصحيح المسند من أسباب النزول(١٢٦): رجاله رجال الصحيح ، وله شاهد بسند حسن عند ابن أبي حاتم عن كعب بن مالك.اهـ

الحالة الثانية: استهزاء غير صريح وهذا يكون بالفعل ، مثل الغمز بالعين أو الإشارة بالرأس أو باليد أو مد اللسان ونحوها.

قال تعالى عن المشركين : (إن الذين أجرموا كانوا من الذين ءامنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون)
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره(١٩٧٤): يخبر تعالى عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا يضحكون من المؤمنين أي يستهزئون بهم ويحتقرونهم.اهـ

– فالواجب على العاقل أن لا يسخر بالآخرين ، فربما سخر بهم وابتلي بما أبتلوا به.

– قالت مرجانة مولاة عائشة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (مرَّ رجل مصاب على نسوة فتضاحكن به ، يسخرن ، فأُصيب بعضُهن)
رواه البخاري في الأدب المفرد(٨٨٧) ورجاله رجال الصحيحين ، سوى مرجانة وثقها ابن حبان والعجلي وعلّق لها البخاري في صحيحه بصيغة الجزم.

وقال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: (لو رأيت رجلاً يوضع شاة في الطريق فسخرت منه خفت أن لا أموت حتى أوضعها) رواه ابن أبي شيبة في المصنف(٢٥٥٣٥)بسند حسن.

– أيها الأخوة: عليكم بمكارم الأخلاق ، والبعد عن مساويها ، جاء في الحديث عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله يُحب مكارم الأخلاق ويكرهُ سَفْسافَها)
رواه ابن حبان في روضة العقلاء(١)
وصححه الحاكم في المستدرك(١/٤٨) والألباني في صحيح الجامع(١٨٨٩)

-والسفساف هو الرديء من كل شيء.

فعلى العاقل أن يجتنب السخرية بالآخرين ، فإنها لا تأتي بخير ، جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي بها بالاً ، تهوي به في النار سبعين خريفاً)
رواه الترمذي(٢٣١٤) وحسنه.
وصححه الألباني في صحيح الجامع(١٦١٨)

كتبه/
بدر بن محمد بن بدر العنزي
عضو الدعوة والإرشاد بالحفر

1 جمادى الثاني 1438هـ


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS قـراء مـديـنـة القل

يمكنكم الاستفادة من محتوى الموقع لأهداف بحثية أو دعوية غير تجارية جميع الحقوق محفوظة لشبكة القل الإسلامية