لقد استمر الرسول صلى الله عليه و سلم بدعوته ليلاً و نهاراً ، سراً و جهاراً ، يذهب إلى الأندية و المحافل و في مواسم الحج ، يدعو من يلقاه من حر و عبد و قوي و ضعيف فكلهم في نظر الإسلام سواء .
فعن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال : كان رسول الله – صلى الله عليه و سلم – يعرض نفسه على الناس في الموقف ، فقال : ألا رجل يحملني إلى قومه ؟! فإن قريشاً قد منعوني أن أبلغ كلام ربي .
و عن طارق بن شداد قال : رأيت رسول الله مرتين ، رأيته بسوق ذي المجاز ، و أنا في بياعة لي ، فمر و عليه حلة حمراء و هو ينادي بأعلى صوته : يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفحلوا . و رجل يتبعه بالحجارة و قد أدمى كعبيه و عرقوبيه ، و هو يقول : يا أيها الناس لا تطيعوا هذا فإنه كذاب ، فقلت من هذا ؟! فقيل : هذا غلام من بني عبد المطلب ، فقلت : من هذا الذي يرميه بالحجارة ؟ فقيل : عمه عبد العزى ( ابو لهب ) ، و كان الرسول يأمر من اتبعه من القبائل خارج مكة أن يبقوا في قبائلهم و يستخفوا حتى يظهر .
إن هذه القصص تكشف مدى الجهد و الأذى الذي لقيه الرسول – صلى الله عليه و سلم – في تبليغ الرسالة فمن صدود قومه الى صدود القبائل خارج مكة و ذلك أن من يدخل في دين النبي من القبائل يعني عداء واضح و صريح لقريش و لا أحد من القبائل يرغب بأن يكون نداً لقريش و خير دليل على ما لاقاه الرسول من العذاب و الأذى من القبائل خارج مكّة قصته مع أهل الطائف ، فقد أدموه حتى نزل جبريل يعرض على الرسول أن يطبق عليهم الجبلين من رأفته بما ذاقه النبي ، فدعى لهم ( أهل الطائف ) فكانت دعوته خيراً لهم فهم من أفضل الناس في الحجاز ، و لا يخفى على ذي لبّ ثقة الرسول بنصر الله بعد كل ما رآه من أصناف الأذى و العذاب .
شارك برأيك