نصيحةٌ لمَنْ وَقَع في بعض الشركيات نصيحةٌ لمَنْ وَقَع في بعض الشركيات
قال تعالى

﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨] الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .

قال صلى الله عليه وسلم

«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»

في الموقع

قسم فريد يحتوي سور القرآن الكريم بأصوات العديد من القراء فتصفح واستمع و انشر كتاب الله وآياته

قال تعالى

﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨] قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.

فتاوى  الشيخ أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس > نصيحةٌ لمَنْ وَقَع في بعض الشركيات

0.00

الفتوى رقم: ١٩
الصنف: فتاوى العقيدة – التوحيد وما يُضادُّه – الألوهية والعبادة
نصيحةٌ لمَنْ وَقَع في بعض الشركيات

السؤال:
بعضُ الإخوةِ لهم مشاكلُ مع أهليهم مِنَ الآباء والأمَّهات والأعمام والعمَّات وغيرِهم مِنَ الأولياء، مِنْ ناحيةِ أنهم يَقَعون في الشركِ الأكبر مِنْ: دعاءِ غيرِ الله، والاستغاثةِ بغيره، والتوكُّلِ على غيره، وسبِّ الله تعالى وسبِّ دِينه ونحوِ ذلك، ولا يقبلون منهم النصيحةَ، فبِمَ تنصحهم؟ علمًا أنه قد وَقَع ـ جرَّاءَ ذلك ـ فتنةٌ عظيمةٌ بين هؤلاءِ الإخوةِ وأهاليهم. وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله الله رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالمشرك شركًا أكبرَ يَستحِقُّ البغضَ في الله والبراءَ المُطْلَقَ الذي لا محبَّةَ فيه ولا موالاةَ؛ لأنَّ عقيدةَ الولاءِ والبراءِ أوثقُ عُرَى الإيمان، وهي الصِّلَةُ التي على أساسها يقوم المجتمعُ المسلم، وهي لازمٌ مِنْ لوازم الشهادة وشرطٌ مِنْ شروطها، قال تعالى: ﴿لَّا تَجِدُ قَوۡمٗا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِ يُوَآدُّونَ مَنۡ حَآدَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَوۡ كَانُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ أَوۡ أَبۡنَآءَهُمۡ أَوۡ إِخۡوَٰنَهُمۡ أَوۡ عَشِيرَتَهُمۡ﴾ [المجادلة: ٢٢]، وقال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ»(١)، وقد أَمَر اللهُ تعالى نبيَّه صلَّى الله عليه وسلَّم أَنْ يتبرَّأ مِنْ أفعالِ عشيرته وصنيعهم إِنْ خالفوا أَمْرَه فقال تعالى: ﴿وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ ٢١٤ وَٱخۡفِضۡ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٢١٥ فَإِنۡ عَصَوۡكَ فَقُلۡ إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تَعۡمَلُونَ ٢١٦﴾ [الشُّعَراء].
غير أنَّ التبرُّؤ مِنْ أفعالهم القبيحة لا يعني الإساءةَ لهم بالأقوال والأفعال، وإنما الواجبُ على المسلم تُجاهَ ذويه وآبائه وأقاربه أَنْ يدعوَهم إلى اللهِ تعالى بالحسنى؛ لقوله تعالى: ﴿فَذَكِّرۡ إِن نَّفَعَتِ ٱلذِّكۡرَىٰ ٩﴾ [الأعلى]، وأَنْ يَبَرَّ أبويه ولو كانا مُشرِكَيْنِ، ولا يُفارِقَهما، بل يُصاحِبُهما في الدنيا بالمعروف؛ لظاهرِ ما نصَّتْ عليه الآيةُ في قوله تعالى: ﴿وَإِن جَٰهَدَاكَ عَلَىٰٓ أَن تُشۡرِكَ بِي مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٞ فَلَا تُطِعۡهُمَاۖ وَصَاحِبۡهُمَا فِي ٱلدُّنۡيَا مَعۡرُوفٗا﴾ [لقمان: ١٥]، وحكمُ الأقارب كحكم الأبوين في ذلك: فيجب ـ في حقِّهم ـ الصِّلَةُ والنفقةُ والإحسان؛ لعمومِ قوله تعالى: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡ‍ٔٗاۖ وَبِٱلۡوَٰلِدَيۡنِ إِحۡسَٰنٗا وَبِذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡيَتَٰمَىٰ وَٱلۡمَسَٰكِينِ وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلۡجَنۢبِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُكُمۡ﴾ [النساء: ٣٦]، ولا ينبغي أَنْ يبلغ الإحسانُ إليهم حدَّ النصرةِ للكفر وأهلِه والتأييدِ لهم، وخاصَّةً إذا كانوا مُحارِبين للدِّين؛ فإنَّ هذا محرَّمٌ ـ شرعًا ـ قد يَصِلُ إلى حدِّ الكفر بالله تعالى، قال سبحانه: ﴿وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡ﴾ [المائدة: ٥١]، وعليه أَنْ يَتَّخِذَ ـ في دعوته لهم ـ أسلوبَ اللين، وأَنْ يبتعد عن الغلظة في الدعوة والشدَّةِ المنفِّرة؛ لقوله تعالى: ﴿ٱدۡعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلۡحِكۡمَةِ وَٱلۡمَوۡعِظَةِ ٱلۡحَسَنَةِۖ وَجَٰدِلۡهُم بِٱلَّتِي هِيَ أَحۡسَنُ﴾ [النحل: ١٢٥]؛ فإنَّ هذا الأسلوبَ الدعويَّ المُنتهَجَ مِنْ أهمِّ أسبابِ انتفاعِ عوامِّ الناس بدعوةِ الدُّعَاة وبإرشادهم وتوجيهاتِهم، وقَدْ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ»(٢).
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبِه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٢٦ رجب ١٤٢٤ﻫ
الموافق ﻟ: ٢٠ أوت ٢٠٠٢م
المفتي : أبي عبد المعزِّ محمَّد علي فركوس – المصدر : الموقع الرسمي للشيخ محمد علي فركوس
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) أخرجه البخاريُّ في «الإيمان» باب: حبُّ الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم مِنَ الإيمان (١٥)، ومسلمٌ في «الإيمان» (٤٤)، مِنْ حديثِ أنسٍ رضي الله عنه.
(٢) أخرجه البخاريُّ في «الجهاد» بابُ فضلِ مَنْ أسلم على يدَيْه رجلٌ (٣٠٠٩)، ومسلمٌ في «فضائل الصحابة» (٢٤٠٦)، مِنْ حديثِ سهل بنِ سعدٍ رضي الله عنهما.


لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

RSS قـراء مـديـنـة القل

يمكنكم الاستفادة من محتوى الموقع لأهداف بحثية أو دعوية غير تجارية جميع الحقوق محفوظة لشبكة القل الإسلامية