﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨] قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.
﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨] الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .
«خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ»
قسم فريد يحتوي سور القرآن الكريم بأصوات العديد من القراء فتصفح واستمع و انشر كتاب الله وآياته
﴿وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا﴾[البقرة: ٢٦٨] قدَّم المغفرة لأنها أغلى جائزة، وهي مفتاح باب العطايا التي تحول دونها الذنوب.
﴿الشيطان يعِدُكم الفقر﴾[البقرة:٢٦٨] الخوف من الفقر من أهم أسلحة الشيطان، ومنه استدرج الناس إلى أكل الحرام، ومنعهم من الإنفاق الواجب .
قد خيبت ثقيف أمل النبي – صلّى الله عليه وسلم- ، عندما ذهب إليهم يعرض عليهم دعوته ويلتمس منهم النصر والمؤازرة ، وردوه ردّاً قبيحاً أثر فيه وآلمه ، ولكنه لم ينل من عزيمته وإصراره على المضي قدماً في تبليغ رسالته مهما كانت الصعاب ، ولذلك كانت الفترة التي أعقبت رحلة الطائف من أقسى الفترات على النبي – صلّى الله عليه وسلم- ، ولقد عبر نفسه عليه السّلام عن ذلك عندما سألته السيدة عائشة – رضي الله عنها – قائلة : « هل أتى عليك يوم هو أشد من يوم أحد ؟ » فأخبرها أنّ ما رآه من أهل الطائف و ما سببه له ذلك الموقف كان أشد وأقسى .
فبينما كان النبي – صلّى الله عليه و سلم – يعرض نفسه على القبائل في المواسم – دون جدوى – كان عرب يثرب مشغولين في التحضيرات لحرب بعاث ، التي كانت آخر مراحل الصراع بينهم ، وقد جاء إلى مكة وفد من بني عبد الأشهل على رأسهم أبو الحيسر ابن رافع يلتمسون حلف قريش على بني عمهم الخزرج ، فسمع بهم رسول الله – صلّى الله عليه وسلم – ، فأتاهم وقال لهم : « هل لكم في خير مما جئتم إليه ؟ » قالوا : وما ذاك ؟ قال : « أنا رسول الله ، بعثني إلى العباد أدعوهم إلى أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً وأنزل عليّ الكتاب ، ثم ذكر لهم الإسلام وتلا عليهم القرآن » ، فقال أحد أعضاء الوفد ، وهو إياس بن معاذ : «أي قوم ، هذا والله خير مما جئتم له » «١» . ولكن رئيس الوفد رده بأنهم مشغولون بغير هذا .
وإذا كان هؤلاء في شغل بأمر الحرب ، فقد شاء الله تعالى أن يلقى النبي – صلّى الله عليه وسلم – في الموسم نفسه رجالاً من الخزرج ، فتكلم إليهم بمثل ما تكلم به إلى الأوس ؛ فشرح الله صدورهم للإسلام ، وقال بعضهم لبعض : « يا قوم ، والله إنه للنبي الذي توعدكم به يهود فلا يسبقنكم إليه » ، فأجابوه و صدقوه وقالوا له : « إنا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة و الشر ما بينهم ، وعسى أن يجمعهم الله بك فسنقوم عليهم ، وندعوهم إلى أمرك ، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين ، فإن يجمعهم الله عليه فلا رجل أعز منك ، ثم انصرفوا وقد آمنوا وصدقوا »
كان لقاء النبي – صلّى الله عليه وسلم – بهؤلاء الرجال الخزرجين ، فتحاً هائلاً أمام الدعوة الخالدة ، فما أن وصلوا إلى بلدهم وأخبروا قومهم بما حدث بينهم وبينه ، حتى أقبلوا عليه بشغف وفشا فيهم الإسلام ، فلم يبق دار من دور المدينة إلا وفيها ذكر من رسول الله – صلّى الله عليه وسلم – و دعوته ، وكان صدى ذلك واسع النطاق ، وكانت النتيجة أن وفداً من اثني عشر رجلاً ذهب إلى مكة في الموسم التالي ، بهدف مقابلة النبي – صلّى الله عليه وسلم – لمعرفة المزيد عن الإسلام ، والتقدم خطوات إلى الأمام ، وتقابل هؤلاء الرجال مع رسول الله – صلّى الله عليه وسلم- ، وشرح لهم وعلمهم وفقّههم و انتهى اللقاء بما عرف في التاريخ ببيعة العقبة الأولى ، ولما أزمعوا العودة إلى بلدهم ، أرسل النبي – صلّى الله عليه وسلم – معهم مصعب بن عمير رضى الله عنه كأول مبعوث له ؛ ليعلمهم الإسلام ويقرئهم القرآن ويفقههم في الدين .
و خلاصة القول بدأ عرب يثرب يتهيؤون ، أو قل هيأهم الله للدخول في الإسلام ولنصرة نبيه ، فما أن وصل مصعب بن عمير مع رجال بيعة العقبة الأولى إلى المدينة ، حتى اتخذ من منزل أسعد بن زرارة – رضى الله عنه – مقرّاً له ، وأخذ يشرح للناس ما هو الإسلام ويقرئهم القرآن ويفقههم في الدين ، وأخذ أناس يقبلون عليه إقبالاً عظيماً ، حتى أنه في لحظات استطاع إقناع أكبر زعيمين من زعماء الأوس ، وهما سعد بن معاذ و أسيد بن حضير – رضى الله عنه – ، فتحولا من معارضين للدعوة إلى أنصار متحمسين لها ، وكان لإسلامهما أكبر الأثر في إسلام الأوس بأسرها لمكانتهما منها .
ثم كانت بيعة العقبة الثانية التي تعتبر برأيي تتويجاً لجهود مصعب المبذولة ذاك الداعية العظيم ، و أن اهل المدينة جاهزين لحماية الرسول و الذود عنه بدمائهم و دليل ذلك ما جرى من حديث بين الرسول – صلى الله عليه و سلم – و بين الوفد المؤلف من واحد و سبعين رجلاً و امرأتان و لنرى ما جرى من حديث :
قال لهم العباس بن عبد المطلب – الذي لم يكن قد أسلم بعد ولكنه حضر مع النبي ليطمئن على مستقبله – : « يا معشر الخزرج إن محمداً منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هم على مثل رأينا فيه ، فهو في عز ومنعة في بلده ، وقد أبى إلا الانحياز إليكم واللحوق بكم ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ، ومانعوه ممن خالفه ؛ فأنتم وما تحملتم من ذلك ، وإن كنتم ترون أنكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج به إليكم ؛ فمن الآن فدعوه فإنه في عز و منعة من قومه و بلده » .
لم يخف على أهل يثرب مرمى كلام العباس بن عبد المطلب ، فقالوا له على الفور : « قد سمعنا ما قلت ، تكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت » ، فتكلم رسول الله – صلّى الله عليه وسلم – فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغّب في الإسلام ، ثم قال : ( أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم ؟ » ، فأخذ البراء بن معرور بيده ، ثم قال : « نعم ، و الذي بعثك بالحق لنمنعنّك مما نمنع منه أزرنا ، فبايعنا يا رسول الله ، فنحن أهل للحروب وأهل الحلقة ، ورثناها كابرا عن كابر )
و هكذا قد تمت بيعة العقبة الثانية و التي تعتبر بيعة قتال بعكس البيعة الأولى التي أسموها بيعة النساء لعدم وجود ذكر للقتال فيها فقد اقتصرت على تعلم مبادئ الاسلام و الدخول في الاسلام .
أسأل الله العظيم ان أكون قد شرحت شرحاً وافياً ، فما كان توفيق فمن الرحمن و ما كان نسيان فمني و من الشيطان .
يمكنكم الاستفادة من محتوى الموقع لأهداف بحثية أو دعوية غير تجارية جميع الحقوق محفوظة لشبكة القل الإسلامية
شارك برأيك